Saturday, June 20, 2009

مندوب كذبات


لا أذكر بيوم من الأيام بأن باب منزلنا لم يقرع من قبل أحد مندوبي المبيعات المتجولين بشنطة مليئة بمعجون أسنان منتهية مدته، أو أجهزة صينية مضروبة، أو أحزمة حرارية مغشوشة للتضعيف... الا أنه و عندما يحين وقت العرس الانتخابي وقبله بقليل تزداد أعداد المندوبين، ويتحولوا من مندوبي مبيعات الى مندوبي كذبات!!!

يقرع الباب، وتفتح الباب بكل سذاجة... يبدأ بابتسامته الصفراء ويبدأ الحديث كالتالي: "مرحبا... معك فلان ابن فلان (الكذاب) مرشح عن الدائرة الانتخابة (العشرطعش)... انا جاي اليوم ومعاي عرض مميز حابب انك تستفيد منه مثل باقي جيرانك اللي سبقوك وأخذوه!) ولأن المواطن الأردني يمتاز بالسذاجة من أعلى درجاتها تجده يقف فرحاً منتظراً سماع ذلك العرض المغري... فيكمل المرشح الكذاب عرضه السحري المتمثل بالتالي: "أستازي أنا جاي اليوم ومعي مفاجأة الموسم... رح أرشح حالي للانتخابات عشان أطالب بزيادة راتبك ورفع الحد الأدنى للأجور لـ 525 دينار، وبدي أطالب بتأمين وظيفة محترمة لابنك الكهربجي في السلك الدبلوماسي، وبنتك الوسطانية اللي بتدرس في التدريب المهني رح اعطيها مقعد في الجامعة الأردنية عشان تدرس طب أسنان..." يفرح المواطن، وتجد ابتسامته رسمت من الذان للذان (كنايةً عن مدى الفرحة) وتجده عاجزاً عن الكلام أمام هذا العرض المغري، ويسأل بكل سذاجة ولسانه ملعثم: "طب طب طيييب أنا شو المطلوب مني؟" فيعود مندوب الكذبات ويجاوب بكل براءة "ما عليك الا انك تسوطلي يوم الانتخابت وهي رقم الموبايل الشخصي تبعي... "

وما هي الا أيام والعرس الديمقراطي يبدأ... وفي ذلك اليوم يحتار المواطن بتلك العروض التي انهالت عليه في الأيام السابقة، ومع أن العروض هي ذاتها إلا أن جميع مندوبي الكذبات عرضوها هي ذاتها عليه وعلى غيره من المواطنين... يختار أحدهم ويضع اسمه في صندوق الاقتراع، وعندما يخرج من القاعة تراه يحلف أيمانا لكل مرشح بأنه قام باختياره هو! وبعد ظهور النتائج ونجاح أحدهم... تبدأ حملت المطاردات وراء تلك الوعود الكذابة، فرقم الموبايل أولاً تغير... ومكان السكن المعهود لم يعد يتواجد فيه، وفي المجلس دائماً مشغول ولا يستقبل الضيوف، والراتب بدلاً من أن يزيد تم الاقتطاع منه لتغطية النفقات الاضافية لمرشحنا الكريم... وبدلاً من تأمين وظيفة لإبنه العاطل عن العمل، انضم ابنه الثاني الى سوق العاطلين عن العمل لصرف المزيد من الهدايا والاعطيات لنائبنا المحترم!

في المرة القادمة لا أريد أن أمارس حقي كناخب... أريد أن أمارس حقي كمواطن يخاف على وطنه وحريص على مصالح اخوته... في المرة القادمة لا أريد أن أنتظر في البيت حتى يأتيني مندوبي الكذبات ويوهموني بعروض ووعود وخيالات! أريد أنا أن أقرع الأبواب، أريد أن أجد كل عروب صبح وخالد محادين، أريد مجلس نواب نظيف يدافع عنّا ويطالب بحقوقنا... لربما عروب كانت محظوظة لأنها لم تتأهل لدخول المجلس الحالي، الا أنني أعرف تماماً بأنها هي ومثلها كثيرين خارج أسوار المجلس حريصون على مصالحنا أكثر من الذين بداخله... لا بل هم مجرد حريصين على مصالحنا، لأن المقارنه هنا لا تجوز، فقد نسيت أن نوابنا الحاليين ليسوا الا مجرد أشخاص باعونا الكذب من قبل وما زالوا يمارسون الكذب ولم يحرصوا ولن يحرصوا على مصالحنا لو مهما طال الزمن...

لا أريد أن أنتخب... بل أريد أن أجدهم أولاً...

1 comment:

J-2-da-B said...

man... a masterpiece as always!