Wednesday, June 24, 2009

أرقام قياسية

لا أدري لماذا ارتبط مفهوم نكش أو حفر الكوسا بعادة يمارسها الشعب الأردني وربما الشعب العربي بإفراط، فتجد الكبير والصغير، العامل والوزير، الرجل والإمرأة، كلهم يغتنمون الفرصة المناسبة لممارسة عادتهم المفضلة...

اذا أردنا تعريف مصطلح (نكش الكوسا) نجد أنه تعبير مهذب أو غطاء أخلاقي لعادة نكش المناخير! ونكش المناخير لغةً: هو عادة يمارسها أي شخص بأي وقت يشعر بوجود شيء في الأنف يعيق عملية التنفس... أما اصطلاحاً: فهو عادة قذرة يمارسها الانسان لاستخراج كتلة مخاطية يطلق عليها اسم (بربور أو خنانة) وغالباً ما يميل لونها الى الأخضر المصفر وأحياناً يكون فسفوري، حيث يتم استخراجها باستخدام أصبع السبابة، ويتم تكويرها بالإبهام والسبابة لمتعة أكبر، وتحدث النشوة عند قذف تلك الكتلة بعد أن أخذت شكلها الكروي بعيداً بإستخدام السبابة...

أعتقد بأن موضوع النكش أصبح أكثر من عادة تمارس! بل أصبح رياضة ويجب أن تدرّس ويجب أن توضع قوانينها، ويجب أن نطالب بإتحاد للاعبيها مع حقهم في المشاركة بالألعاب الأولمبية في دوراتها القادمة... وفي صورة أوسع أتخيل هذه الرياضة تنمو وتزدهر مع الأيام على أيدي خبراء النكش الدوليين من أصول أردنية! وأعتقد بأن هذه الرياضة كبير ويمكن تقسيمها لعدة فئات ومراحل... فيمكن أن يكون هنالك تحدي بحجم البربور أو أبعد مسافة يقذف بها البربور، أو تحدي قائم على جمع اكبر كمية من الخنانة خلال فترة محدودة!

وتكون المفاجأة عندما يحطم أحد الأبطال الأردنيين رقم غينيس القياسي في أكبر حجم بربور تم تشكيله، علماً بأن جميع الأرقام القياسية السابقة كانت لأردنيين بحكم خبرتهم الطويلة في هذا المجال...

بكفي لعب ونكش في مناخيرنا ومناخير غيرنا...مللنا من هذه التفاهات وتلك الأرقام القياسية الغبية في أكبر حفلة مشاوي،
وأكبر سدر كنافة، و أكبر كمية برياني في العالم! كفانا تفاهة يا عالم ولننظر كيف بات الجوع يحصد أرواح الكثيرين من حولنا في العالم!


Tuesday, June 23, 2009

شعب حشري

ما زلت أذكر بعض الأمور وكأنها حدثت معي اليوم صباحا وليس قبل صباح 20 عام انتقضت... وربما ما يساعدني على تذكر تلك الأمور ليست ذاكرتي القوية، انما كثر التكرار والذي طال ربما لمدة 12 عام متتالية، تتكرر فيها الأحداث يومياً (ما عدا العطل والأعياد الرسمية). أذكر تلك الجارة الأنيقة المعروفة في حينا وفي كل الأحياء المجاورة، ولو كان الفيس بوك موجود في تلك الأيام اعتقد بأنها لعرفت على مستوى الأردن!

قابلتها في كل يوم دراسي، كل يوم وفي تمام السابعة والربع صباحاً وأنا متوجه الى مدرستي، كنا نتقابل على باب العمارة، فتقبلني بتلك الشفاه المغموسة بأحمر الشفاه الفاقع بعد أن تصبح علي وتسألني نفس السؤال يومياً "بأي صف صرت؟"... بسبب إلحاحها على بذلك السؤال رجعت يوماً باكياً إلى أمي، لأنها جعلتني اعتقد بأن ترفيع الصفوف يتم يومياً وليس سنوياً! إلا أنني لم أستطع في يوم من الأيام التهرب من الإجابة، بل كنت أذبل بعدما تخدرني بتلك القبلة الناعمة وذلك الصباح الجميل وأرد بنفس الإجابة على نفس السؤال كل يوم، وبعد زوال مفعول المخدر وأعود إلى وعي كنت أتمنى لو أنيي صفعتها على وجهها كرد على ذلك السؤال الغبي...

استمر الحال على ذلك حتى وصلت إلى الصف التاسع، وبقيت هي تمارس نفس الطقوس اليومية وبنفس الموعد دون أي تغيير(القبلة الدافئة، الصباح اللطيف و السؤال الغبي!)... حاولت تحليل تصرفها معي بتلك الطريقة؛ ولم أجد في يوم من الأيام أي تفسير منطقي لتصرفاتها! اعتقدت عند بداية دخولي الى مرحلة المراهقة بأنها تتحرش بي جنسياً! الا أنيي وبعد أن نضجت قليلاً أدركت بأن ذلك مستحيل لأنها عجوز شمطاء وتسبقني بأجيال وبأن قبلاتها تلك بدأت معي منذ مراحل متقدمة من الطفولة وذلك ليس بمعقول أن تستدرجني منذ ذلك العمر!

استمر تحليلي لهذه الشخصية الغريبة، والتي اكتشفت مؤخراً أنها مجرد صورة طبق الأصل عن نسبة كبيرة من الشعب الأردني (ذكوراً وإناثاً)، فكلهم يتبعون نفس الأسلوب.... التخدير ثم الوصول الى ما يريدون! ولكل منهم طريقته بالتخدير، فبعض النساء تخدرك بقبلة، وآخرون بكلام معسول، والبعض تمل من كثرة كلامه فتتخدر وتنصاع لما يريد، وبالنهاية كلهم يريدون الوصول إلى نفس المعلومات.... فالصغير يكون نصيبه كالتالي: (شو طبخت أمك مبارح؟ وأبوك شو كان جايب بالكيس الأسود الكبير؟ وأخوك ليش طلع حافي اليوم الصبح؟ وأختك ليش ما نشرت الغسيل الأبيض على الأسطوح؟!) أما المراحل الأخيرة من المدرسة: (كيف دراستك؟ كم جبت بالرياضيات؟ بدك تجيب استاذ للفيزياء؟ كل موز كتير لأنه "بئوي" الزاكرة)! والجامعي: (صاحبت ولا لسا؟ لا ترد على البنات لأنهم بخربوا البيوت! في عندكم إيدز بالجامعة؟!) ولما تتخرج وتشتغل تبدأ المصيبة الحقيقية!!! (كم أعطوك راتب؟ مرتاح بدوامك؟ اخطب بنت المدير ودبر راسك معها! بعطوك حوافز واضافي؟! السيارة اللي جيبتها كاش ولا ربحتها؟!) وحشرية الشعب الأردني لا تتوقف ولله الحمد... حادث سير بسيط، تجد عشرات السيارات توقفت للمشاهدة وتحليل الحادث وتعطيل حركة السير! حريق في مبنى تجد مئات الناس تجمعوا للتصفيق لرجال الدفاع المدني واعاقة عملهم! واذا حاول أحدهم الانتحار يبدء الناس بالتجمع لتشجيعه على الانتحار وتحليل أسباب انتحاره!!!

لا أدري لماذا كتبت هذا المقال...! لكنني أتمنى أن اعود الى طفولتي كي أتلقى تلك القبلة المغمسة بأحمر الشفاه الفاقع من جارتنا العجوز الشمطاء (رحمها الله) والتي اكتشفت مؤخراً أنها لم تكن موظفة في يوم من الأيام كما اعتقدت انا وتصورت في مخيلتي... بل كانت تمارس هوايتها اليومية بشرب فنجان قهوة على الريق كل يوم عند جارة جديدة لتحصد مجموعة من الأخبار وتنقلها لباقي الجيران!

Saturday, June 20, 2009

مندوب كذبات


لا أذكر بيوم من الأيام بأن باب منزلنا لم يقرع من قبل أحد مندوبي المبيعات المتجولين بشنطة مليئة بمعجون أسنان منتهية مدته، أو أجهزة صينية مضروبة، أو أحزمة حرارية مغشوشة للتضعيف... الا أنه و عندما يحين وقت العرس الانتخابي وقبله بقليل تزداد أعداد المندوبين، ويتحولوا من مندوبي مبيعات الى مندوبي كذبات!!!

يقرع الباب، وتفتح الباب بكل سذاجة... يبدأ بابتسامته الصفراء ويبدأ الحديث كالتالي: "مرحبا... معك فلان ابن فلان (الكذاب) مرشح عن الدائرة الانتخابة (العشرطعش)... انا جاي اليوم ومعاي عرض مميز حابب انك تستفيد منه مثل باقي جيرانك اللي سبقوك وأخذوه!) ولأن المواطن الأردني يمتاز بالسذاجة من أعلى درجاتها تجده يقف فرحاً منتظراً سماع ذلك العرض المغري... فيكمل المرشح الكذاب عرضه السحري المتمثل بالتالي: "أستازي أنا جاي اليوم ومعي مفاجأة الموسم... رح أرشح حالي للانتخابات عشان أطالب بزيادة راتبك ورفع الحد الأدنى للأجور لـ 525 دينار، وبدي أطالب بتأمين وظيفة محترمة لابنك الكهربجي في السلك الدبلوماسي، وبنتك الوسطانية اللي بتدرس في التدريب المهني رح اعطيها مقعد في الجامعة الأردنية عشان تدرس طب أسنان..." يفرح المواطن، وتجد ابتسامته رسمت من الذان للذان (كنايةً عن مدى الفرحة) وتجده عاجزاً عن الكلام أمام هذا العرض المغري، ويسأل بكل سذاجة ولسانه ملعثم: "طب طب طيييب أنا شو المطلوب مني؟" فيعود مندوب الكذبات ويجاوب بكل براءة "ما عليك الا انك تسوطلي يوم الانتخابت وهي رقم الموبايل الشخصي تبعي... "

وما هي الا أيام والعرس الديمقراطي يبدأ... وفي ذلك اليوم يحتار المواطن بتلك العروض التي انهالت عليه في الأيام السابقة، ومع أن العروض هي ذاتها إلا أن جميع مندوبي الكذبات عرضوها هي ذاتها عليه وعلى غيره من المواطنين... يختار أحدهم ويضع اسمه في صندوق الاقتراع، وعندما يخرج من القاعة تراه يحلف أيمانا لكل مرشح بأنه قام باختياره هو! وبعد ظهور النتائج ونجاح أحدهم... تبدأ حملت المطاردات وراء تلك الوعود الكذابة، فرقم الموبايل أولاً تغير... ومكان السكن المعهود لم يعد يتواجد فيه، وفي المجلس دائماً مشغول ولا يستقبل الضيوف، والراتب بدلاً من أن يزيد تم الاقتطاع منه لتغطية النفقات الاضافية لمرشحنا الكريم... وبدلاً من تأمين وظيفة لإبنه العاطل عن العمل، انضم ابنه الثاني الى سوق العاطلين عن العمل لصرف المزيد من الهدايا والاعطيات لنائبنا المحترم!

في المرة القادمة لا أريد أن أمارس حقي كناخب... أريد أن أمارس حقي كمواطن يخاف على وطنه وحريص على مصالح اخوته... في المرة القادمة لا أريد أن أنتظر في البيت حتى يأتيني مندوبي الكذبات ويوهموني بعروض ووعود وخيالات! أريد أنا أن أقرع الأبواب، أريد أن أجد كل عروب صبح وخالد محادين، أريد مجلس نواب نظيف يدافع عنّا ويطالب بحقوقنا... لربما عروب كانت محظوظة لأنها لم تتأهل لدخول المجلس الحالي، الا أنني أعرف تماماً بأنها هي ومثلها كثيرين خارج أسوار المجلس حريصون على مصالحنا أكثر من الذين بداخله... لا بل هم مجرد حريصين على مصالحنا، لأن المقارنه هنا لا تجوز، فقد نسيت أن نوابنا الحاليين ليسوا الا مجرد أشخاص باعونا الكذب من قبل وما زالوا يمارسون الكذب ولم يحرصوا ولن يحرصوا على مصالحنا لو مهما طال الزمن...

لا أريد أن أنتخب... بل أريد أن أجدهم أولاً...

Tuesday, June 16, 2009

صيّف وكيّف

ما يعجبني في يوم السبت هو النشاط الزائد فيه... فبعد يوم من الراحة (بالذات لمن هم مغضوب عليهم وأيام العمل لديهم ستة أيام في الأسبوع) تستقبل يوم السبت بجرعة زائدة من النشاط نظراً لحيوية هذا اليوم... وشخصياً من أكثر الأمور الشاقة التي أقوم بإنجازها يوم السبت هو تقليب صفحات الجرائد الاعلانية الأسبوعية والتي تتعمد معظم الصحف أن توزعها يوم السبت لسبب لا أعرفه أنا! فتجد نفسك تكرر نفس الاعلانات في أكثر من خمس جرائد بنفس اليوم دون أي اضافة او تغيير!

صدقاً أستمتع بتقليب تلك الجرائد، واتسلّى بقراءة تلك الاعلانات الغبية التي توعدك بأنقاص وزنك 15 كلغ خلال شهر، وتستهويني عروض محلات الملابس التي تبيع البدلات الفاخرة من أيام الحروب الصليبية ولم تنتهي بعد تلك البدلات الفاخرة، ولكن بسبب تفتح ذهن الزبون المغفل تم استحداث بدلات فاخرة جداً فتجد العرض المغري (بدلة فاخرة جداً + قميص أجنبي فاخر عل آخر + ربطة + حزام + جرابات صيني نخب أول + كندرة جلد طبيعي + كلسون قبة خنق) بـ 35 دينار فقط!!!

والأهم من هذه الاعلانات عن المطاعم والملابس واستحضار الخادمات والأثاث المستعمل... إلخ، اعلانات الشركات السياحية ذات العروض الخيالية... فتجد أن الصغير قبل الكبير والغبي قبل الذكي والجاهل قبل المتعلم يلاحظ بأن جميع هذه الاعلانات تحتوي على نفس البرامج وبنفس الأسعار وكأنها نسخة موحدة لجميع الشركات مع تغيير اسم الشركة!

ليست المشكلة بالأسعارالمعلنة أو بالبرامج، المشكلة هي في الصدمات التي يبدأ بتلقيها المواطن المسكين بمجرد دخوله الشركة! فبسبب ضيق الحال المادي وبسبب تراكم الضغوطات تجد المواطن كالغريق الذي تعلق بقشة عندما يجد بأن السعر المعلن لقضاء عطلة صيفية مميزة في أحد البلدان العربية بـ 59 دينار فقط! فتجد أول الصدمات التي يتلقاها بأن عليه أن يدفع مبلغ 20 دينار وذلك بدل خدمات ومصاريف أخرى، وطبعاً هذا البند لم يكن وارداً في نص الاعلان! فتجد المواطن محرجاً ويدفع دون تفكير (لأنه المبلغ مش محرز!).

الضربة الثانية التي يتلقاها المواطن تلك عند الحدود الأردنية والبعض منهم يكون مهيء منهم لتلك الضربة، الا وهي ضريبة المغادرة. أما الضربة الثالثة عندما تجد نفسك في فندق غير الفندق الذي حجزت فيه، أو في منطقة غير المنطقة اللي طلبتها وفي أحسن الأحوال في غرفة غير التي اخترتها عند ابرام العقد! وتستمر الضربات وصولاً الى الضربة القاضية... عندما تجد نفسك مطالباً بدفع مبلغ من المال كرسوم جانبية عن كل رحلة داخلية في ذلك البلد بحجة أن السعر المعلن لم يكن شاملاً لهذه الرحلات!

شخصياً، أصبحت انا مخضرماً في التعامل مع شركات النصب هذه،،، لكن صدمت فعلاً عندما توجهت قبل أسبوع للحجز في أحد الرحل السياحية لأجد أن هنالك بند اضافي جديد وبخط صغير في آخر العقد (الأسعار غير شاملة اكرامية السائق والدليل السياحي) أي وبصريح العبارة انت مطالب بدفع هذه الاكرامية كخاوى بالاضافة الى كل المصاريف التي دفعها وسوف يدفعها!

Monday, June 15, 2009

أكلك حلال؟


شدتني الحملة الاعلانية التي تبث على شاشة mbc بعنوان (أكلك حلال؟!) حيث صوَرت تلك الاعلانات وبعدة مشاهد كيف أن الناس فقدوا صفة الاخلاص في العمل، فباتوا يأكلون الحرام، دون ان يكترثوا لما اقترفت وتقترف ايديهم كل يوم!

اعجبتني تلك الاعلانات وشدت انتباهي، و أراهن بأنها شدت انتباه الكثيرين غيري، على الرغم من أن محتوى هذه الاعلانات مخيف ومنفر، خاصةً عندما نرى أحدهم يأكل ويتحول الطعام الى جمرٍ في جوفه دون أن يحس بذلك متناسياً كيف جنى تلك الأموال...

اعلان قوي بكل معنى الكلمة، وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت له من المجتمع الخليجي معتقدين بأنها رسالة موجهة لهم فقط، إلا أن الاعلان هو عبارة عن رسالة موجهة لكل انسان يأخذ شيئاً بغير وجه حق. ولكن للأسف غاب هذا الاعلان عن فئة أخرى من الناس، أو ربما تغيبوا عنه عمداً كالنعامة التي تغمس رأسها في التراب هروباً من واقعهم وليجدوا أي حجة ليستمروا في أعمالهم القذرة التي يعتاشون منها.

ومن الفئات التي تغيبت عن هذا الاعلان عمداً، كالطالب الذي تمارض يوم امتحانه لانه لم يدرس، السادة النواب الأفاضل! لقد تغيبوا عن هذه الاعلانات وكلي ثقة بأنهم لو شاهدوها لاعتدلوا وتوقفوا عن ظلمهم للناس. فوالله انتخبناهم ليكونوا ممثلين لنا في مجلس النواب لا ممثلين علينا! أشك في أنهم شاهدوا هذه الاعلانات، فلو شاهدوها لتوقفوا عن نهب المواطن وسرقة الوطن!

أعلم أنه لا جدوى من الكتابة حول هذا الموضوع لأنهم لا يقرأون، ولو قرأو لا يفهون، ولو فهمو فلن يحركوا ساكنا كما اعتادو من قبل... لكنني أعلم بأن الله مجيب للدعاء، فما بالكم من دعاء المظلوم! فنحن شعبٌ ظلم نفسه باختيار هؤلاء (........) ليصونوا اموالنا ويطالبوا بحقوقنا!

وما زلت أؤمن بما قاله أبو القاسم الشابي:
اذا الشــعــب يومــــا أراد الحيـــــاة فلا بــــــد أن يستـجـيــــب القــــدر


Thursday, June 11, 2009

فيلم أردني / جاهة كريمة

المشهد الأول:
الموقع: أحد ضواحي العاصمة عمان، وتحديدا على دوار في أحد الأحياء بالقرب من سوق ذلك الحي.
الفكرة: احتفالات الشباب بأحد المناسبات الوطنية...
السيناريو: بطريقته الخاصة، يدخل شاب عشريني الى الموقع بسيارته المزينة بالأعلام ليحتفل بطريقته المتهورة واللامسؤولة من خلال التخميس والتفعيط... ولأنه فرح جداَ ويريد أن يثبت لأقرانه بأنه (مقلّع) وقادر على الاحتفال كيفما يريد، يقتحم أحد الدواوير معاكساَ للسير مخالفاً القوانين، ليفاجأ بمواطن مسكين يعترض احتفاله اللامسؤول!
يفقد السيطرة على المركبة بسبب تشحيطه وتخميسه فيتسبب بحادث كاد أن يقتل ذلك المواطن، وتشاء الصدف أن أحد دورية الشرطة تصل الى موقع الحادث بمحض الصدفة وتوقف الشاب الأرعن الذي لاذ بالفرار على مقربة من موقع الحادث. فيقف الشاب الأرعن بعيداً يسب ذلك المواطن ويشتمه لأنه اعترض احتفاله بتلك المناسبة، ويلوذ بالفرار مجدداً أمام أعين رجال الأمن!


المشهد الثاني:
الموقع: نفس موقع الحادث
الفكرة: صبر المواطن وايمانه بأن القانون يجب أن يأخذ مجراه...
السيناريو: بعد انتظار قارب الثلاث ساعات في انتظار معالي دولة مندوب الحوادث لمعاينة موقع الحادث ورسم مخطط كروكي، وبعد مهاترات وتهديديات من فزعة السائق الأرعن الجبان الذي هرب من مواجهة فعله المشين، يصل السيد مندوب الحوادث ليصور السيارة ويطلب من المواطن المسكين التوجه الى المركز الأمني لتقديم بلاغ رسمي!



المشهد الثالث:
الموقع: المركز الأمني.
الفكرة: العدالة...
السيناريو: بخطى ثابتة، يدخل المواطن الى المركز الأمني، وبكل ثقة يتقدم بشكوى رسمية ضد ذلك السائق الأرعن، مقدماً كافة التفاصيل عن ذلك السائق وسيارته... مؤمناً بعد وعود رجال الأمن بأن الجاني سوف ينال عقابه، وأن الجاني يجب أن يكون عبرة لمن لا يعتبر بعد تصرفه اللامسؤول تجاه نفسه وتجاه المجتمع!


المشهد الرابع:
الموقع: المركز الأمني.
الفكرة: أجا الفرج...
السيناريو: بعد مرور 24 ساعة من الانتظار، وبعد عدة زيارات للمركز الأمني، يتوجه المواطن مرة أخرى الى المركز الأمني لكي يطمئن على مجريات الأمور وليعرف أي جديد بخصوص ذلك الحادث!
يكتشف المواطن المسكين بأن شيئاً لم يحدث إلى الآن، وأن الأمور ما زالت كما هي (مجرد شكوى على ورق) وذلك لأن الجاني مدعوم من عزوته في المركز الأمني من أقاربه!
وبإخبار رئيس المركز الأمني عن الحادث، يأمر وفوراً بتحريك دورية شرطة لإحضار الجاني... فيطمئن قلب ذلك المسكين، ويشدد بأنه لن يغقر لذلك الأرعن لكي يتعلم بأن أرواح المواطنين ثمينة لا تقدر بثمن وليست مجرد لعبة بين يدي شاب طائش!



المشهد الخامس:
الموقع: أحد صالات المركز الأمني.
الفكرة: الجاهة الكريمة!...
السيناريو: فور صدور أوامر البيك قائد المركز الأمني بإحضار الجاني، تصل اخبارية الى أهل السائق الأرعن بأن ابنهم في خطر! وفجأة تمتلئ صالة المركز الأمني بشيوخ ووجهاء عشائر ورجال دولة ومناصب كلهم يمثلون عطوة أو جاهة للمواطن المسكين ليصفح عن ذلك الشاب الطائش الذي كاد يودي بحياته الى التهلكة...
بعد مناقشات طويلة واسترحامات كثيرة مليئة بالجمل المكررة من ذات الأسطوانة المشروخة (انتو شيوخ ولاد شيوخ) و (الأجاويد بيمونوا على الأجاويد) و (انتو السكين واحنا اللحم) و (هذا ولدنا ممعوط الذنب عندكو اكسرو خشومه)... الخ، وبعد كل تلك النقاشات يبدأ أحد أعضاء الجاهة الكريمة بالكشف بأن الطرف المجني عليه من (ضلوع الرقبة) و بأن والده رجل طيب ومن أسرة كريمة متسامحة و بأنهم (عيال حمولة وحدة) ومحسوبين على بعض... فتعلو تلك الابتسامة الصفراء على أوجه الحاضرين جميعاً متفقين بأن الصلح خير دائماً وكل تلك الجمل المنمّقة الكاذبة، لينتهي المشهد بتمزيق الشكوى وكأن شيئاً لم يكن لأن هذا الولد الأرعن هو أيضاً ولدٌ لأسرة كريمة من أب و أم فاضلين، لكنهم أغفلوا بأن تنشئة رجل لا تكون بمخالفة القانون والاعتداء على حقوق الغير ليعبر عن فرحه، بل تكون بانتمائه الصادق لوطنه والتزامه بالقوانين واحترام الآخر...

* أرغب بإضافة مشهد لكسر تلك الرتابة في هذا الفيلم الممل الذي نشاهد وقائعه كل يوم في حياتنا بأن يتم اعتقال المواطن المغفل الذي اعتقدنا بأنه مسكين في البداية لأنه هو وأمثاله هم من يسمحون باستمرار هذه المهازل واعطاء المزيد من الفرص لشاب أرعن، مستهتر، غير مسؤول ليرتكب جريمة أخرى بحق وطنه!!!

Monday, June 1, 2009

ديتول... حتى تكوني متأكدة

بعيداً عن موضوع متابعتي للتلفزيون لمشاهدة برنامج معين أو فلم ما... فأنا مثلي مثل أي مشاهد أجبر دائماً على مشاهدة مجموعة من الاعلانات قد يزيد وقتها عن مدة عرض الفيلم!

قطاعات حكومية وخاصة، شركات كبيرة وصغيرة، مجالات واسعة، خدمات ومنتجات، كلها يروج لها من خلال تلك الاعلانات... ولأن المشاهد العربي ساذج (وأولهم أنا) فإن الكثيرين منا يتوجهون لشراء تلك المنتجات لمجرد ظهور اعلان لها على شاشة التلفزيون بطريقة تلفت النظر... ولأنا هذه الاعلانات تتكرر مئات المرات على مسامعنا فإنها أخذت تغير عاداتنا وأصبحت جزء من حياتنا غير قادرين على الهرب منها!

فتحولت المحارم الى فاين، وفوط الأطفال إلى بامبرز، ومبيض الملابس الى كلوركس،،، وأسماء كثيرة تحولت الى اسم منتج مشهور وعريق، وبعد نجاح باهر على حساب المستهلك الساذج! الا أن ما أرفضه في بعض دعايات هذه الأيام أنها أخذت تستخف بعقلية المشاهد أكثر فأكثر، ولا أدري إلى أين سيصل بها هذا الاستخفاف! فعندما يقتحم عالمك ذلك الاعلان بمشهد مجموعة من الأطفال تغسل أيديها بالماء والصابون بشكل جماعي تعتقد بأن الموضوع صحي وذو هدف أخلاقي... لكن عندما يتحول المشهد الى أحد أولئك الأطفال ويبدو جلياً أنه طفل "هرش" عمره يقارب العشرة أعوام ويخبر أمه فرحاً بأنه تعلم كيف يغسل أيديه بالماء والصابون! سألت نفسي.. اذا تعلم الآن أن يغسل يديه بالماء والصابون، هل كان يغسلها من قبل بالبول والصابون؟

لم نصل الى هذه المرحلة من السذاجة لكي تعرضوا علينا اعلانتكم بهذه الطريقة السخيفة! وما أخاف منه فعلاً أن تقوم احدى شركات الفوط النسائية بعرض دعاية على نفس مبدأ دعاية ديتول (حتى تكوني متأكدة 100%)...