Friday, August 21, 2009

BONJOUR


بعد عودتي من سفرتي الأخيرة، استوقفتني الحملة الإعلانية الخاصة بشركة توتال الفرنسية ذات الإسم العريق في عالم الوقود والزيوت الصناعية...

اعجبتني فكرة تلك الحملة التي تركزت أساساً على أكثر كلمة فرنسية تدل على منتهى الرقة والرقي، ألا وهي بونجور تلك التحية الفرنسية التي تجعلك تذوب في مكانك عندما تسمعها من أي شخص ناطق باللغة الفرنسية سواء كان فرنسي أو عربي!

وبحكم طبيعة عملي مع الفرنسيين، تأكدت بأن ليست اللغة الفرنسية وحدها رقيقة بل أن شعبها (الفرنسيين) هم من أرق وألطف الشعوب الذين قد تتعامل معهم في حياتك! فتجدهم صادقين، مخلصين ومتفانيين في عملهم، مهتمون بإرضاء زبونهم إلى أقصى درجة يمكن الوصول لها...

وانطلاقاً من قناعتي هذه، بأن الفرنسيين شعب لا يقبلون بأقل من التميز في أداء أعمالهم، قررت اعتماد محطات بنزين توتال بالاضافة الى محطات المناصير كمحطات وقود معتمدة لدي لتعبئة الوقود لسيارتي؛ فاخترت المناصير بناءاَ على تجربة واخترت توتال الفرنسية بناءاً على الاسم العريق الذي تحمله...!

وفي يوم من الأيام توجهت إلى واحدة من محطات توتال لتعبئة الوقود، وتفاجأت باستقبالي من عند المدخل من قبل أحد عمال المحطة وتوجيهي الى مضخة البنزين، ثم استقبلني عامل آخر عند مضخة البنزين، وكلهم اعتلت على وجوههم تلك الابتسامة اللطيفة التي تشعرك بأنك دخلت أحد الدول الأوروبية...

وكعادتي، ولأني متواضع مثل سيارتي، طلبت من العامل المنتصب بجانب المضخة تعبئة السيارة بعشرة دنانير فقط لأنها كفيلة بإحداث تخمة في خزان الوقود الخاص بسيارتي الصغيرة. ولأن ثقتي عمياء بمحطة ذات اسم عالمي من هذا المستوى، لم أراقب عداد المضخة كما قد أفعل في محطة أخرى كالمنتشرات حول الأردن بكثرة، خوفاً من أن يتم استغفالي وسرقتي!

بعد أن أخذني الحديث أنا وصديقي أثناء تعبئة الوقود، تفاجأت بوجه جديد (مبتسم أيضاً) ويسألني عن القيمة التي طلبتها من العامل...! وعندما اجبته بأني طلبت بنزين بـِ 10 دنانير، قال لي بأن العامل أخطأ وقام بتعبئة السيارة بـِ 12,25 دينار! ولأني أنا من النوع العنيد، ولا أقبل بفرض الأمر الواقع علي أو ممارسة أية ضغوطات غبية ضدي، رفضت وبشدة اعطاؤه أكثر من 10 دنانير! ودون أي مقدمات تلاشت تلك الابتسامة التي قابلني بها عمال المحطة وتحولت الى عبوس وكشرة أردنية من الدرجة الأولى، وذلك اللطف تحول إلى شراسة... وشعرت بلحظة معينة بأن ذلك الشاب كاد أن يصفعني على وجهي لأن رفضت اعطاؤه ثمن غلطة العامل! وقد ذكرني ذلك الموقف بمشهد في مسرحية (الواد سيد الشغال / لعادل إمام) في ذلك المشهد عندما كان إمام يحدث خاله عن حادثة النصب التي تعرض لها من قبل ذلك الشيخ الورع، الذي كان يشع وجهه نوراً وايماناً، وعندما طالبه عادل إمام بحقه تفاجأ بأن ذلك النور الذي كان في وجهه انطفأ وتحول فجأة إلى بلطجي وقال له "انت ملكش فلوس عندي!" وذلك تماماً ما حدث معي حيث شعرت بأن ذلك الشاب هو الشيخ ذاته الذي تدث عنه إمام في مسرحيته....

في الواقع، لم تكن الصدمة هنا! بل كانت عندما طالبت بمقابلة المسؤول عن المحطة بعد أن طلب مني ذلك الشاب التوجه إلى (جورة الزيت) كي يقوم بسحب البنزين الزائد الذي تم تعبئته في سيارتي رغماً عن أنفي! واكتشفت بأن ذلك الشاب هو المسؤول عن ادارة المحطة كما كان مسؤولاً عن تلك المهزلة التي حدثت...

أنا أعلم بأنه من وجهة نظر البعض، كان يجب أ، أدفع المبلغ كاملاً أولاً من باب أنها (مش محرزة، كلها دينارين وربع!) وثانياً أن ذلك البنزين لن أخسره لأنه فعلياً تم تعبئته في سيارتي...

لم يأتي عنادي ورفضي للدفع من فراغ! بل جاء من مبدأ... فأنا لست عاجز عن دفع دينارين اضافيات لبنزين تم فعلياً تعبئته في سيارتي! كما أني أرفض فرض الأمر الواقع على الزبون، وأرفض طريقة التعامل غير المهذبة معه! فلطالما نعلم بأن "الزبون دائماً على حق!" وفضلاً عن ذلك كله فإن تلك الحادثة وقعت في محطة وقود عالمية! وليس في أحد محطات الوقود العادية والمنتشرةة في كل مكان...

عموماً أثبت زياد المناصير بفضل المصداقية في عمله واخلاصه وتفانيه واعتماد أهم المقاييس والمعايير للوصول إلى الأفضل وتقديم الأفضل لزبائنه متغلباً على واحدة من أهم شركات الوقود العالمية! والتجربة خير برهان وإلى الأمام يا مناصير...

Wednesday, June 24, 2009

أرقام قياسية

لا أدري لماذا ارتبط مفهوم نكش أو حفر الكوسا بعادة يمارسها الشعب الأردني وربما الشعب العربي بإفراط، فتجد الكبير والصغير، العامل والوزير، الرجل والإمرأة، كلهم يغتنمون الفرصة المناسبة لممارسة عادتهم المفضلة...

اذا أردنا تعريف مصطلح (نكش الكوسا) نجد أنه تعبير مهذب أو غطاء أخلاقي لعادة نكش المناخير! ونكش المناخير لغةً: هو عادة يمارسها أي شخص بأي وقت يشعر بوجود شيء في الأنف يعيق عملية التنفس... أما اصطلاحاً: فهو عادة قذرة يمارسها الانسان لاستخراج كتلة مخاطية يطلق عليها اسم (بربور أو خنانة) وغالباً ما يميل لونها الى الأخضر المصفر وأحياناً يكون فسفوري، حيث يتم استخراجها باستخدام أصبع السبابة، ويتم تكويرها بالإبهام والسبابة لمتعة أكبر، وتحدث النشوة عند قذف تلك الكتلة بعد أن أخذت شكلها الكروي بعيداً بإستخدام السبابة...

أعتقد بأن موضوع النكش أصبح أكثر من عادة تمارس! بل أصبح رياضة ويجب أن تدرّس ويجب أن توضع قوانينها، ويجب أن نطالب بإتحاد للاعبيها مع حقهم في المشاركة بالألعاب الأولمبية في دوراتها القادمة... وفي صورة أوسع أتخيل هذه الرياضة تنمو وتزدهر مع الأيام على أيدي خبراء النكش الدوليين من أصول أردنية! وأعتقد بأن هذه الرياضة كبير ويمكن تقسيمها لعدة فئات ومراحل... فيمكن أن يكون هنالك تحدي بحجم البربور أو أبعد مسافة يقذف بها البربور، أو تحدي قائم على جمع اكبر كمية من الخنانة خلال فترة محدودة!

وتكون المفاجأة عندما يحطم أحد الأبطال الأردنيين رقم غينيس القياسي في أكبر حجم بربور تم تشكيله، علماً بأن جميع الأرقام القياسية السابقة كانت لأردنيين بحكم خبرتهم الطويلة في هذا المجال...

بكفي لعب ونكش في مناخيرنا ومناخير غيرنا...مللنا من هذه التفاهات وتلك الأرقام القياسية الغبية في أكبر حفلة مشاوي،
وأكبر سدر كنافة، و أكبر كمية برياني في العالم! كفانا تفاهة يا عالم ولننظر كيف بات الجوع يحصد أرواح الكثيرين من حولنا في العالم!


Tuesday, June 23, 2009

شعب حشري

ما زلت أذكر بعض الأمور وكأنها حدثت معي اليوم صباحا وليس قبل صباح 20 عام انتقضت... وربما ما يساعدني على تذكر تلك الأمور ليست ذاكرتي القوية، انما كثر التكرار والذي طال ربما لمدة 12 عام متتالية، تتكرر فيها الأحداث يومياً (ما عدا العطل والأعياد الرسمية). أذكر تلك الجارة الأنيقة المعروفة في حينا وفي كل الأحياء المجاورة، ولو كان الفيس بوك موجود في تلك الأيام اعتقد بأنها لعرفت على مستوى الأردن!

قابلتها في كل يوم دراسي، كل يوم وفي تمام السابعة والربع صباحاً وأنا متوجه الى مدرستي، كنا نتقابل على باب العمارة، فتقبلني بتلك الشفاه المغموسة بأحمر الشفاه الفاقع بعد أن تصبح علي وتسألني نفس السؤال يومياً "بأي صف صرت؟"... بسبب إلحاحها على بذلك السؤال رجعت يوماً باكياً إلى أمي، لأنها جعلتني اعتقد بأن ترفيع الصفوف يتم يومياً وليس سنوياً! إلا أنني لم أستطع في يوم من الأيام التهرب من الإجابة، بل كنت أذبل بعدما تخدرني بتلك القبلة الناعمة وذلك الصباح الجميل وأرد بنفس الإجابة على نفس السؤال كل يوم، وبعد زوال مفعول المخدر وأعود إلى وعي كنت أتمنى لو أنيي صفعتها على وجهها كرد على ذلك السؤال الغبي...

استمر الحال على ذلك حتى وصلت إلى الصف التاسع، وبقيت هي تمارس نفس الطقوس اليومية وبنفس الموعد دون أي تغيير(القبلة الدافئة، الصباح اللطيف و السؤال الغبي!)... حاولت تحليل تصرفها معي بتلك الطريقة؛ ولم أجد في يوم من الأيام أي تفسير منطقي لتصرفاتها! اعتقدت عند بداية دخولي الى مرحلة المراهقة بأنها تتحرش بي جنسياً! الا أنيي وبعد أن نضجت قليلاً أدركت بأن ذلك مستحيل لأنها عجوز شمطاء وتسبقني بأجيال وبأن قبلاتها تلك بدأت معي منذ مراحل متقدمة من الطفولة وذلك ليس بمعقول أن تستدرجني منذ ذلك العمر!

استمر تحليلي لهذه الشخصية الغريبة، والتي اكتشفت مؤخراً أنها مجرد صورة طبق الأصل عن نسبة كبيرة من الشعب الأردني (ذكوراً وإناثاً)، فكلهم يتبعون نفس الأسلوب.... التخدير ثم الوصول الى ما يريدون! ولكل منهم طريقته بالتخدير، فبعض النساء تخدرك بقبلة، وآخرون بكلام معسول، والبعض تمل من كثرة كلامه فتتخدر وتنصاع لما يريد، وبالنهاية كلهم يريدون الوصول إلى نفس المعلومات.... فالصغير يكون نصيبه كالتالي: (شو طبخت أمك مبارح؟ وأبوك شو كان جايب بالكيس الأسود الكبير؟ وأخوك ليش طلع حافي اليوم الصبح؟ وأختك ليش ما نشرت الغسيل الأبيض على الأسطوح؟!) أما المراحل الأخيرة من المدرسة: (كيف دراستك؟ كم جبت بالرياضيات؟ بدك تجيب استاذ للفيزياء؟ كل موز كتير لأنه "بئوي" الزاكرة)! والجامعي: (صاحبت ولا لسا؟ لا ترد على البنات لأنهم بخربوا البيوت! في عندكم إيدز بالجامعة؟!) ولما تتخرج وتشتغل تبدأ المصيبة الحقيقية!!! (كم أعطوك راتب؟ مرتاح بدوامك؟ اخطب بنت المدير ودبر راسك معها! بعطوك حوافز واضافي؟! السيارة اللي جيبتها كاش ولا ربحتها؟!) وحشرية الشعب الأردني لا تتوقف ولله الحمد... حادث سير بسيط، تجد عشرات السيارات توقفت للمشاهدة وتحليل الحادث وتعطيل حركة السير! حريق في مبنى تجد مئات الناس تجمعوا للتصفيق لرجال الدفاع المدني واعاقة عملهم! واذا حاول أحدهم الانتحار يبدء الناس بالتجمع لتشجيعه على الانتحار وتحليل أسباب انتحاره!!!

لا أدري لماذا كتبت هذا المقال...! لكنني أتمنى أن اعود الى طفولتي كي أتلقى تلك القبلة المغمسة بأحمر الشفاه الفاقع من جارتنا العجوز الشمطاء (رحمها الله) والتي اكتشفت مؤخراً أنها لم تكن موظفة في يوم من الأيام كما اعتقدت انا وتصورت في مخيلتي... بل كانت تمارس هوايتها اليومية بشرب فنجان قهوة على الريق كل يوم عند جارة جديدة لتحصد مجموعة من الأخبار وتنقلها لباقي الجيران!

Saturday, June 20, 2009

مندوب كذبات


لا أذكر بيوم من الأيام بأن باب منزلنا لم يقرع من قبل أحد مندوبي المبيعات المتجولين بشنطة مليئة بمعجون أسنان منتهية مدته، أو أجهزة صينية مضروبة، أو أحزمة حرارية مغشوشة للتضعيف... الا أنه و عندما يحين وقت العرس الانتخابي وقبله بقليل تزداد أعداد المندوبين، ويتحولوا من مندوبي مبيعات الى مندوبي كذبات!!!

يقرع الباب، وتفتح الباب بكل سذاجة... يبدأ بابتسامته الصفراء ويبدأ الحديث كالتالي: "مرحبا... معك فلان ابن فلان (الكذاب) مرشح عن الدائرة الانتخابة (العشرطعش)... انا جاي اليوم ومعاي عرض مميز حابب انك تستفيد منه مثل باقي جيرانك اللي سبقوك وأخذوه!) ولأن المواطن الأردني يمتاز بالسذاجة من أعلى درجاتها تجده يقف فرحاً منتظراً سماع ذلك العرض المغري... فيكمل المرشح الكذاب عرضه السحري المتمثل بالتالي: "أستازي أنا جاي اليوم ومعي مفاجأة الموسم... رح أرشح حالي للانتخابات عشان أطالب بزيادة راتبك ورفع الحد الأدنى للأجور لـ 525 دينار، وبدي أطالب بتأمين وظيفة محترمة لابنك الكهربجي في السلك الدبلوماسي، وبنتك الوسطانية اللي بتدرس في التدريب المهني رح اعطيها مقعد في الجامعة الأردنية عشان تدرس طب أسنان..." يفرح المواطن، وتجد ابتسامته رسمت من الذان للذان (كنايةً عن مدى الفرحة) وتجده عاجزاً عن الكلام أمام هذا العرض المغري، ويسأل بكل سذاجة ولسانه ملعثم: "طب طب طيييب أنا شو المطلوب مني؟" فيعود مندوب الكذبات ويجاوب بكل براءة "ما عليك الا انك تسوطلي يوم الانتخابت وهي رقم الموبايل الشخصي تبعي... "

وما هي الا أيام والعرس الديمقراطي يبدأ... وفي ذلك اليوم يحتار المواطن بتلك العروض التي انهالت عليه في الأيام السابقة، ومع أن العروض هي ذاتها إلا أن جميع مندوبي الكذبات عرضوها هي ذاتها عليه وعلى غيره من المواطنين... يختار أحدهم ويضع اسمه في صندوق الاقتراع، وعندما يخرج من القاعة تراه يحلف أيمانا لكل مرشح بأنه قام باختياره هو! وبعد ظهور النتائج ونجاح أحدهم... تبدأ حملت المطاردات وراء تلك الوعود الكذابة، فرقم الموبايل أولاً تغير... ومكان السكن المعهود لم يعد يتواجد فيه، وفي المجلس دائماً مشغول ولا يستقبل الضيوف، والراتب بدلاً من أن يزيد تم الاقتطاع منه لتغطية النفقات الاضافية لمرشحنا الكريم... وبدلاً من تأمين وظيفة لإبنه العاطل عن العمل، انضم ابنه الثاني الى سوق العاطلين عن العمل لصرف المزيد من الهدايا والاعطيات لنائبنا المحترم!

في المرة القادمة لا أريد أن أمارس حقي كناخب... أريد أن أمارس حقي كمواطن يخاف على وطنه وحريص على مصالح اخوته... في المرة القادمة لا أريد أن أنتظر في البيت حتى يأتيني مندوبي الكذبات ويوهموني بعروض ووعود وخيالات! أريد أنا أن أقرع الأبواب، أريد أن أجد كل عروب صبح وخالد محادين، أريد مجلس نواب نظيف يدافع عنّا ويطالب بحقوقنا... لربما عروب كانت محظوظة لأنها لم تتأهل لدخول المجلس الحالي، الا أنني أعرف تماماً بأنها هي ومثلها كثيرين خارج أسوار المجلس حريصون على مصالحنا أكثر من الذين بداخله... لا بل هم مجرد حريصين على مصالحنا، لأن المقارنه هنا لا تجوز، فقد نسيت أن نوابنا الحاليين ليسوا الا مجرد أشخاص باعونا الكذب من قبل وما زالوا يمارسون الكذب ولم يحرصوا ولن يحرصوا على مصالحنا لو مهما طال الزمن...

لا أريد أن أنتخب... بل أريد أن أجدهم أولاً...

Tuesday, June 16, 2009

صيّف وكيّف

ما يعجبني في يوم السبت هو النشاط الزائد فيه... فبعد يوم من الراحة (بالذات لمن هم مغضوب عليهم وأيام العمل لديهم ستة أيام في الأسبوع) تستقبل يوم السبت بجرعة زائدة من النشاط نظراً لحيوية هذا اليوم... وشخصياً من أكثر الأمور الشاقة التي أقوم بإنجازها يوم السبت هو تقليب صفحات الجرائد الاعلانية الأسبوعية والتي تتعمد معظم الصحف أن توزعها يوم السبت لسبب لا أعرفه أنا! فتجد نفسك تكرر نفس الاعلانات في أكثر من خمس جرائد بنفس اليوم دون أي اضافة او تغيير!

صدقاً أستمتع بتقليب تلك الجرائد، واتسلّى بقراءة تلك الاعلانات الغبية التي توعدك بأنقاص وزنك 15 كلغ خلال شهر، وتستهويني عروض محلات الملابس التي تبيع البدلات الفاخرة من أيام الحروب الصليبية ولم تنتهي بعد تلك البدلات الفاخرة، ولكن بسبب تفتح ذهن الزبون المغفل تم استحداث بدلات فاخرة جداً فتجد العرض المغري (بدلة فاخرة جداً + قميص أجنبي فاخر عل آخر + ربطة + حزام + جرابات صيني نخب أول + كندرة جلد طبيعي + كلسون قبة خنق) بـ 35 دينار فقط!!!

والأهم من هذه الاعلانات عن المطاعم والملابس واستحضار الخادمات والأثاث المستعمل... إلخ، اعلانات الشركات السياحية ذات العروض الخيالية... فتجد أن الصغير قبل الكبير والغبي قبل الذكي والجاهل قبل المتعلم يلاحظ بأن جميع هذه الاعلانات تحتوي على نفس البرامج وبنفس الأسعار وكأنها نسخة موحدة لجميع الشركات مع تغيير اسم الشركة!

ليست المشكلة بالأسعارالمعلنة أو بالبرامج، المشكلة هي في الصدمات التي يبدأ بتلقيها المواطن المسكين بمجرد دخوله الشركة! فبسبب ضيق الحال المادي وبسبب تراكم الضغوطات تجد المواطن كالغريق الذي تعلق بقشة عندما يجد بأن السعر المعلن لقضاء عطلة صيفية مميزة في أحد البلدان العربية بـ 59 دينار فقط! فتجد أول الصدمات التي يتلقاها بأن عليه أن يدفع مبلغ 20 دينار وذلك بدل خدمات ومصاريف أخرى، وطبعاً هذا البند لم يكن وارداً في نص الاعلان! فتجد المواطن محرجاً ويدفع دون تفكير (لأنه المبلغ مش محرز!).

الضربة الثانية التي يتلقاها المواطن تلك عند الحدود الأردنية والبعض منهم يكون مهيء منهم لتلك الضربة، الا وهي ضريبة المغادرة. أما الضربة الثالثة عندما تجد نفسك في فندق غير الفندق الذي حجزت فيه، أو في منطقة غير المنطقة اللي طلبتها وفي أحسن الأحوال في غرفة غير التي اخترتها عند ابرام العقد! وتستمر الضربات وصولاً الى الضربة القاضية... عندما تجد نفسك مطالباً بدفع مبلغ من المال كرسوم جانبية عن كل رحلة داخلية في ذلك البلد بحجة أن السعر المعلن لم يكن شاملاً لهذه الرحلات!

شخصياً، أصبحت انا مخضرماً في التعامل مع شركات النصب هذه،،، لكن صدمت فعلاً عندما توجهت قبل أسبوع للحجز في أحد الرحل السياحية لأجد أن هنالك بند اضافي جديد وبخط صغير في آخر العقد (الأسعار غير شاملة اكرامية السائق والدليل السياحي) أي وبصريح العبارة انت مطالب بدفع هذه الاكرامية كخاوى بالاضافة الى كل المصاريف التي دفعها وسوف يدفعها!